browser icon
You are using an insecure version of your web browser. Please update your browser!
Using an outdated browser makes your computer unsafe. For a safer, faster, more enjoyable user experience, please update your browser today or try a newer browser.

لماذا نكره جوارديولا؟

Posted by admin on March 16, 2016

خطأ يرتكب على حدود منطقة الجزاء في الدقيقة الثامنة والثمانين. يقف الجدار البافاري ذليلاً بعدما قبلت شباكه ثلاثة أهداف. يقف رونالد وقفته الشهيرة، يسدد كرة صاروخية تمر من الجدار وتسكن شباك نوير الذي لم يحرك ساكنة. أهداف أربعة كاملة تسكن شباك البافاري. في قلب الأليانز أرينا، الدابة السوداء تحمل أوزارها. بينما يشير رونالد بأصابعه معلنًا عن عدد أهدافه في مشوار اللقب العاشر للفريق الملكي. حدث كان كفيلاً بتغيير ملامح العلاقة بين الجمهور البافاري وبيب الذي كان يعلق عليه الجمهور البافاري الكثير من الآمال من قبل قدومه.
Ronald's Celebration

إنه الفيلسوف صاحب السداسية أو السباعية، حقيقة لا أذكر، كل ما أذكره أنه صاحب رقم كبير، ليس من السهل أن يُكرر. هذا هو السر الذي يعرفه الجميع عن سبب عشق الملايين من مشجعي برشلونة للبيب، حب قد يصل إلى حد الهوس، لم يتغير مع مرور الزمن. وأنا أقدر كمشجع للبايرن تلك المشاعر النبيلة التي تنتابهم لمدرب حقق لهم الكثير. فأنا إلى اليوم لازلت أكن بالكثير من الحب والاحترام لأوتمار هيتسفيلد صاحب دوري أبطال على ملعب السان سيرو أمام فالنسيا القوي آنذاك.
يقال إن هناك الكثير من مشجعي البايرن الذين لا يحبون جوارديولا على الرغم مما حققه للفريق. بل هناك من يؤمن قدر إيمانه بفناء البشر أن البايرن كان فريقًا مملاً إلى أن جاء بيب جوارديولا وأضاف لمحاته ولمساته التي جعلت منه الفريق الأمتع كرويًا… بعد برشلونة. فالبارشا هي الأصل أما البايرن فهو مجرد صورة باهتة من ذلك العملاق الكاتالوني الذي يبدو مستحيل الهزيمة. وهنا لديهم كل الحق، فما البايرن إلا صورة باهتة من برشلونة. فريق مكوناته الرئيسية من الألمان، ولا يمكن للألمان كمنتخب أن يحققوا الانتصارات في المحافل الدولية دون أن يضم هذا الفريق أعتى المواهب الألمانية، هذا هو الأمر الثابت من سبعينيات القرن الماضي. أخاف أن أسهب فتتداخل النقاط ويصبح النص عديم القوام والملامح كحال البايرن في السنوات الثلاث الأخيرة. لذا في مقالٍ أول لي بعد انقطاع دام طويلاً عن الكتابة، أسمح لي بأن أقسم الأسباب إلى أسباب أربعة رئيسية.
السبب الأول: الهوية
نحن في العموم مللنا من الأحاديث عن الهوية وتلك المصطلحات التي لا تذكرنا إلا بالسياسة المقيتة. لكن لكل شيء خلقه الله أو صنعه البشر، هناك سمة. ولا يمكن لكيان يتجاوز عمره المائة عام ألا يكون بلا هوية أو جوهر يقيم عليه.
البايرن هو عملاق الكرة الألمانية، هذا أمر لا جدال فيه. والفريق البافاري والمنتخب الألماني هما انعكاس لبعضهما البعض. فإذا ضعف البايرن ضعف المانشافت والعكس صحيح. وفي أغلب الأحيان ستجد أن مشجعي البايرن يشجعون المنتخب الألماني والعكس صحيح، مما يعني أن من الممكن القول بأن مشجعي البايرن هم في الواقع مشجعين للكرة الألمانية وليس البايرن وحده. ستجدهم يتفاعلون مع أي فريق ألماني في المحافل الأوروبية، حتى الفريق الدورتموندي الذي يعد العدو اللدود للبافاري، وحتى ليفركوزين الذي فضل بيع فيدال سابقًا إلى اليوفي بدلاً من البايرن، وحتى كل تلك الفرق التي تفرح طربًا لخسارة البايرن، عقلية المشجع البافاري وعلى الأخص في الشرق الأوسط استوعبت الكرة الألمانية بثقافة “الباكيدج”. وهذه ليست بصدفة، فحب الكرة الألمانية ناتج عن صفات تتمتع بها هذه المدرسة -إن صح التعبير- وطريقة اللعب التي تتميز بها. محب الكرة الألمانية لا يحب البهرجة، لم يثيره يومًا تمويه دينلسون ورقصه فوق الكرة، ولم يثيره لعب الغمزة واللمسة والكعب. المشجع الألماني، يحب الكرة الواقعية، اللعب المباشر ونقل الكرة بأسهل الطرق، يثيره صراخ أوليفر كان وغضب إيفينبرج وروح مولر وضربات شفاينشتايجر على شعار البايرن موضع القلب.
بقدوم بيب جواردويلا بعد ثلاثية تاريخية ليوب هايكنس، كان الفريق يكتسح المنافسين في كأس أودي الودية بالسداسيات والسباعيات، ومع مرور الوقت انخفض المستوى. ماريتينز العنصر الأساسي والأهم في الوسط الدفاعي للبايرن أصبح بلا أهمية، جوستافو الذي كان من أهم عناصر البايرن الدفاعية وسط الملعب فُتح له الباب ليغادر، لام الذي كان برأي الكثيرين أفضل ظهير أيمن في العالم انتقل إلى الوسط ليصبح لاعبًا عاديًا جدًا، شفاينشتياجر أحد أهم رموز الفريق أصبح عبئًا حتى اضطر إلى شد الرحال. أمور كثيرة أثرت بالسلب على الفريق واللاعبين. لام لم يعد لام الذي نعرفه، الفريق صاحب الدفاع القوي أصبح مهلهلاً. أصبح الفريق بلا فعالية، يبدو عاجزًا أمام أي فريق يلعب بطريقة دفاعية. وإن كانت الأرقام الإيجابية التي حققها البيب في الدوري الألماني تثير البعض، فدعني أقول لك بكل بساطة؛ البايرن دائمًا يبسط سيطرته على الفرق الألمانية، حتى في أحلك فتراته مع ماجات. الفرق الألمانية تلعب “جيم مفتوح” يسمح لبايرن جواردويلا أن يتلاعب بهم. بل أزيدك قولاً بأن نتائج البيب أما أهم الفرق الألمانية خصوصًا في العام الثاني ضعيفة جدًا وجدًا.
فقد الفريق هويته وطريقة لعبه المباشرة التي كانت السبب الأساسي في ولاء المشجعين البافاريين للكرة الألمانية. لم يعد يقدم الكرة التي يعرفونها، وأصبح الفريق “كيان ما” فقد أبرز ملامحه. فبيب أجبر اللاعبين على محاولة التأقلم على طريقة لعبه، التي تنتمي لمدرسة مختلفة تمامًا، لا يمكن للاعبين مثل لام وشفاينشتايجر وروبين وريبري وغيرهم ممن تخطوا الثلاثين أن يغيروا طريقة لعبهم التي تربوا عليها بعد كل هذا العمر. فأحل وجدد، باع من باع وجلب من جلب، ولا أرى أن من العبقرية أن أغير فريقًا كاملاً ليطبق طريقة لعبي. الأوقع بأن أغير فلسفتي لتناسب من أدرب، هذه هي العبقرية التي تميز بين مدرب “البادجت” والمدرب الذكي الذي لا يفتقر إلى الحلول.
حاول الفريق يقلد لعب برشلونة لكن دون جدوى، استحواذ بدون فعالية ونقلات كثيرة إلى الخلف دون حلول هجومية، فريق ممل يجعلك تتثاءب في كل مرة تشاهده. هذا ليس بايرن الذي أعتدنا عليه، هذا كائن مشوه ناتج عن تزاوج بين كائنين غير متشابهين!
المواعيد الهامة ورباعية الريال
حالة من الفزع تنتاب البيب عندما يسجل في مرمى فريقه هدفًا. كان البايرن الأفضل في مباراة الذهاب أمام الريال في 2014، وبدا الفريق مسيطرًا على مجريات الأمور أمام الفريق الملكي حتى سجل فيه هدفًا. وإن كانت الهزيمة بهدف خارج الديار ليست بالنتيجة الكارثية، إلا أن بيب ظن بأنها كذلك. فنزل في مباراة العودة مفزوعًا، مندفعًا إلى الهجوم، وكانت النتيجة كارثية. الدابة السوداء للفريق الملكي تتعرض لهزيمة برباعية أمام جمهورها. إهانة لم ولن ينساها جمهور البايرن الذي عاصرها. كانت هذه نقطة تحول في علاقة مشجعي البايرن ببيب. فضحكات برايتنر وقت القرعة التي أوقعت الفريق الملكي في طريق البافاري كما ظن برايتنر وغيره وقتها تحولت لصرخات وعويلٍ ونحيب. نكسة قوية هزت مشجعي البايرن الذين تفاخروا دائمًا بسجل المواجهات المباشرة أمام البطل الأوروبي الأبرز.. رقميًا!
وفي العام التالي، يمر الفريق إلى نصف النهائي في طريق مفروش بالورود، دون أن يقابل فريقًا واحدًا من الكبار، حتى وقع أمام برشلونة. تمر الأمور على خير لأكثر من سبعين دقيقة، وفي الثلث الساعة الأخيرة يتلقى فريق البيب ثلاثة أهداف. دائمًا ما يفشل في شوط المدربين ولعل ما حدث منذ أيام قليلة أمام اليوفينتوس في تورينو خير دليل. وفي العودة، كان الفريق بحاجة لثلاثة أهداف، مهمة صعبة أمام برشلونة. إلا أن هدف بن عطية في العشر دقائق الأولى سهل المهمة كما ظن البعض، أمامك 80 دقيقة لتسجيل هدفين. والأهم بألا تقبل شباك هدفًا واحدًا، فإذا تقبلت هدفًا، طولبت بأربعة، لكن بيب أصر على الاندفاع إلى الأمام ليتقبل هدفين بلا داع. وإن كانت صفة الارتعاش تنتسب لشيء آخر هذه الأيام، إلا أن المرتعشة بحق هي عقلية بيب. يومها فقد كل مشجع بافاري أي إمكانية لتحقيق دوري الأبطال تحت قيادة بيب. وأراهن القراء بأن هذا الموسم لن يكون استثناء. وعلى رأي المثل الشعبي “الخبر اللي النهاردة بفلوس، بكرا يبقى ببلاش”. فلننتظر!
عقلية بيب التشجيعية
لا يمكن أن تذهب لفريق منافس يلعب في نفس البطولة التي تلعب فيها لتشجعه في مشواره مع وجود احتمالية لملاقاته في الدور التالي وهو ما حدث. ولا يمكن أن تتغزل في مهارات ميسي ليلاً ونهارًا وهو في الفريق المنافس. لا، لا يمكن أن تحتضن لاعبي الخصم قبل المباراة، ولا يمكن أن تقول على الخصم هو الأفضل في العالم، خصوصًا وأن وقتها كان هناك خلاف على ذلك بين البعض. لا يمكن أن تعانق لاعبي المنافس بعد هزيمة ثقيلة ولا يمكن أن تصرح بأن الهزيمة أمر طبيعي أمام أقوى فريق في العالم. لا يمكن أن تصرح بأن كل اللاعبين عليهم اتباع تعليماتي إلا ميسي. أنت كرجل متزوج يصارح زوجته بأن يفكر في امرأة غيرها على الرغم من أنه يعيش معها تحت سقف واحد. في عالم الاحتراف، أنت تنتمي للكيان الذي تعمل تحت اسمه، أنت موظف لا يمكن أن يعلن عن حبه لكيان آخر، على الأقل في الوقت الحالي. لا يمكن أن تتعامل بعقلية مشجع من مدرجات الدرجة الثالثة.
نعرف بأن فوز البايرن بدوري الأبطال لا يحدث كل يوم، بل هناك فواصل زمنية عملاقة بين آخر بطولة في السبعينيات وبطولة السان سيرو وأخيرًا بطولة ويملبي. لكن لكل من يتابع البايرن، يعرف بأن الجيل الحالي يمكن اعتباره جيلاً ذهبيًا قد لا يعوض، جيل وصل نهائي 2012 وخسر بسوء طالع غريب وفي العام التالي سحق الخصوم وأذل الفرق الكبرى ذهابًا وإيابًا بنتائج عريضة -باستثناء الأرسنال-. بايرن الحالي يختلف تمامًا عن بايرن العقد الماضي، وإخفاق بيب في دوري الأبطال ليس سببًا وحيدًا، فهناك أسباب ثلاثة أخرى. ضم الأسباب الأربعة معًا، وأعلم بأن بايرن أنشيلوتي سيحقق دوري الأبطال سريعًا، فلا تقل يومًا بأن هذا ما بناه بيب. ودع من ينتقد مدرب فريقه ينتقده كيفما شاء، فجحا أولى بلحم ثوره!

Leave a Reply